languageFrançais

مردودية القطاع الخاص تقابلها انتظارات بإصلاح أداء المؤسسات العمومية

يُعدّ القطاع الخاص المُنظم المحرك الرئيسي لخلق القيمة وتحقيق الاستدامة المالية حيث يساهم بـ 58.7% من إجمالي القيمة المضافة الوطنية واكثر من  79% من مجموع الاستثمارات للمؤسسات و يوفر  43% من فرص العمل الرسمية، وأكثر من نصف الإيرادات الضريبية للدولة.

 بالإضافة إلى  أنه يُعدّ المشغل لأكثر من 103 ألاف مؤسسة تتوزع اغلبها  على مؤسسات  صغرى ولكن لا تتجاوز نسبة المؤسسات الصغرى والمتوسطة 12.2 بالمائة وتبقى المؤسسات الكبرى محدودة عدديا بنسبة تقل عن 1 بالمائة حسب  التقرير الوطني للمؤسسة في تونس لسنة 2025  للمعهد العربي  لرؤساء المؤسسات .

ورغم  الأهمية الجبائية البارزة للقطاع الخاص، الذي يؤمّن في المتوسط أكثر من نصف الموارد الجبائية للدولة، من خلال مساهمته المباشرة في الضريبة على الشركات، إضافة إلى الأداء على القيمة المضافة والخصم من المورد على الأجور إلا انه تم تسجيل  تراجع في  قاعدة التصريح الجبائي، حيث انخفض عدد المؤسسات المصرّحة لدى الإدارة الجبائية خلال سنة واحدة بنسبة تفوق 8%،وهو ما يعكس هشاشة الإدماج الاقتصادي واتساع دائرة النشاط غير المنظم، رغم ارتفاع رقم المعاملات المصرّح به لدى المؤسسات المتبقية ضمن المنظومة الرسمية .

من بين الإصلاحات.. ثلاث أولويات مع تحسين الوضعية المالية الصعبة لمؤسسات عمومية

وفي المقابل لازالت الوضعية المالية الصعبة للمؤسسات العمومية، التي تبقى مساهمتها في التشغيل محدودة، مقابل كلفة مرتفعة على ميزانية الدولة ويذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان قد أشار مؤخرا  إلى وضعية بعض المنشات العمومية مشددا على أنّه لا مجال للتّفريط في المؤسّسات والمنشآت العموميّة من ذلك  شركة الخطوط التونسيّة التي كانت تمثّل مفخرة للمنشآت العموميّة، والوضع الذي آلت إليه ليس نتيجة للصّدفة بل هو نتيجة لجملة من الترتيبات بهدف التفريط فيها.

كما شدّد رئيس الجمهوريّة على أنّ تونس ماضية قدمًا في إعادة بناء هذه المرافق العموميّة الأساسيّة بعد أن تمّ القضاء عليها تقريبا وشهدت عمليات فساد لتبرير التفويت فيها.

ويدعو المعهد العربي لرؤساء المؤسسات إلى ضرورة وضع ثلاث أولويات استراتيجية وهي زيادة حجم وإنتاجية قطاع ريادة الأعمال من خلال دعم المشاريع متناهية الصغر لدفعها لتتحول  إلى مشاريع صغيرة ومتوسطة  و إصلاح وتبسيط قطاع المؤسسات العامة وتنشيط الاستثمار الصناعي والتكنولوجي،لا سيما في القطاعات ذات  القدرة التنموية والابتكار العالي.

وتعاني المؤسسات الصغرى والمتوسطة  من منافسة المؤسسات غير المنظمة، بنسبة 63،7 بالمائة، مقابل 36،9 بالمائة، بالنسبة للمؤسسات الكبرى، وفق ما أشار إليه التقرير الوطني حول المؤسسات في تونس 2025، للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات بالتالي إيجاد معادلة تضمن مناخا أعمال  متوازنا بين مكوني السوق المحلية ضرورة لضمان إعادة انتعاش النسيج الاقتصادي وتوافقه مع أهداف برنامج مخطط التنمية 2026/2030.

وكان أستاذ الاقتصاد بجامعة قرطاج، معز السوسي، كان قد أكد  في تصريح سابق لموزاييك أن النسخة المصادق عليها من  قانون مالية  2026  لن تصنع ربيعا اقتصاديا خاصة مع تواصل التخبط  في إصلاحات ترقيعية على المستوى الجبائي  وعلى مستوى خلق صناديق متعددة ومتفرعة مع ما بقي متراكما في  سنة 2025 وهي عناصر تفاقم  الضغط  وتقلل من  فعالية السياسات العمومية القادمة ومدى القدرة على تنفيذها.

وأكد انه كان يمكن الاقتصار على نسخة مختصرة تتجه نحو ضبط مبادئ أساسية تعالج أمهات المشاكل دون الدخول في تفاصيل تُصعبُ وتعقدُ تطبيق قانون مالية 2026.

مجلة صرف وبنية تحتية ولوجستيكية مستحدثة ركائز النمو للقطاع الخاص والعام

ويرى خبراء آخرون أن قانون مالية 2026 لن يكون ذو فعالية وجدوى مالم يتم إرفاقه بالأوامر الترتيبية  أو بمذكرات توضيحية لعدة إجراءات اقتصادية منها خاصة التي تهم المؤسسات الصغرى والمتوسطة والمبادرة الذاتية  في ما اعتبر البعض أن عدم الإفصاح عن الملامح الكبرى لأولويات مخطط التنمية 2026/2030 ضمن تقرير نهائي يلخص ابرز المقترحات من الجهات والمجالس المعنية وغيرهم من المتدخلين قد يخلق فجوة بين ما تم إقراره ضمن قانون مالية 2026 و ما سيتم اعتماده في مخطط التنمية 2026/2030 وهي فجوة تونس في غنى عنها خاصة مع عدة رهانات تعتمدها  خلال السنوات الأخيرة  وهي التعويل على الذات وتقليص نسب الاقتراض وخاصة إلغاء هذا التوجه في علاقة بصندوق النقد الدولي أمام توجهات للاقتراض من  أطراف تجمعها بتونس علاقات شراكة إستراتيجية وهي الاتحاد الأوروبي وسياسيات جديدة لدعم الشراكات أكثر مع قوى اقتصادية جديدة منها الصين واليابان وأخرى خليجية وآليات اقتراض استثنائية محلية تهمن مخزون البنك المركزي التونسي  من العملة الصعبة.

وتبقى الانتظارات من مدى  قدرة الدولة على تنفيذ ماورد في قانون مالية 2026  من أحكام اقتصادية تهدف إلى تحفيز الاستثمار، ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ومعالجة المديونية، وتخفيف كلفة الإنتاج، بالتوازي مع إصلاحات جبائية رهينة إصلاحات تهم مناخ الأعمال وإستراتيجيات  الترويج والتعريف بالتحفيزات التي تمنحها تونس كوجهة اقتصادية واستغلال الفرص الهامة المهدورة إفريقيا أو على مستوى المحيط الاقليمي  وبأسواق غير تقليدية و مايمكن ان يوفره الموقع الاستراتيجي  لتونس من آليات ضغط واقتناص للفرص لتوجيه استثمارات كبرى وذات مردودية وقيمة مضافة عالية في سلاسل الإنتاج نحو التمركز في التراب  التونسي هي ما يتمنى الفاعلون الاقتصاديون الاستفادة منه بداية من سنة  2026  .

ولعلى من أبرز وأوكد الإصلاحات التي ينتظرها الفاعلون الاقتصادية في العام والخاص ولا تخفى على أحد  هي ضرورة التذكير بضرورة العمل على تحسين الجوانب اللوجستيكية  والنقل برا وبحرا وجوا وخاصة على مستوى الموانئ التونسية وتحسين البنية التحتية لضمان توافق  الإجراءات مع آليات التنفيذ  بالخصوص كما لا يخفى على أحد أهمية الإسراع بإصدار مجلة الصرف ودعم نسيج اقتصادي ينحو نحو الدفع الالكتروني واستخدام التكنولوجيات الحديثة السريعة  والتي توفر عملة صعبة لتونس وتحد من القطاع الموازي وإهدار السيولة النقدية المستخدمة عبر آلية الدفع ب"الكاش" .

هناء السلطاني

share